اسليدرالأدب و الأدباء

قراءة في كتاب (قصص لا ترويها هوليوود مطلقاً ) لهوارد زِن

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم/ مجاهد منعثر منشد
في مدينة نيويورك حي بروكلين ولد أبوين يهوديين من طبقة الكادحين المؤلف الأمريكي الشهير هوارد زِن(1922-2010م) , فهو مؤرخ , ناقد اجتماعي , معارض سياسي .

ويعتقد بأفكار فلسفية تندمج ما بين الفكر الماركسي والاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية.

درس التاريخ وتخصص في العلوم السياسية؛ وحصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة كولومبيا عام 1958، مؤلفاته على ما يزيد عن عشرين كتاباً,و ألف عام(1967م) عن حرب فيتنام، وأصدر كتابه الأكثر شهرة عن التاريخ الشعبي للولايات المتحدة منذ عام(1492م) روى فيه تاريخ أمريكا من وجهة نظر المستضعفين .

وهو أبرز المدافعين عن الحقوق المدنية والحركات المناهضة للحرب منذ الستينيات. وكان من أشد الرافضين الحرب الأمريكية على العراق عام 2003.

عنوان كتابه (قصص لا ترويها هوليوود مطلقاً ) لا يعدو أن يكون متمما لما تستغله الحكومة الأمريكية من وسائل لتمرير سياساتها والتأثير على الأمريكيين. وهو كتاب انقلابي على الواقع السياسي والثقافي والتاريخي في الولايات المتحدة بأسلوب مغاير ومختلف.

ورغم أن هذا الكتاب يتحدث عن أمريكا ,إلا أنه مهم وتعميمه ضروري .

فهو مجموعة أفكار معارضة ومختلفة تجاه السياسة الأمريكية ,إذ أن المؤلف ينتقد بأفكاره سياستها العسكرية في العالم والحروب التي خاضتها في عدد من الدول المختلفة , ويلقي المسؤولية وتبعاتها من خسائر على عاتق الولايات المتحدة .

وأوضح بأن الحروب التي تخوضها لا من أجل الأمريكيين كما تدعي حكومته وإنما من أجل مصالح شخصية ضيقة لمسؤولين كبار.

و هوارد زِن يعارض كذلك الوسائل المستخدمة في بلاده لتسخير الدعاية المزيفة وايصالها لعقول الامريكيين وخداعهم من خلال الأعلام كالصناعات السينمائية لمؤسسة هوليود التي تغذي العقول بأفكار تتماشى والمصالح السياسية الضيقة لبعض الأطراف.

ويبدو أن شعار مؤسسة هوليوود كما وصفه زن : (بناءً على الحاجة لكسب الكثير من الأرباح) .

وهذا يعني الأرباح هي الاعتبار الأول قبل الفن وقبل الجمال والقيم الإنسانية.

ولذلك يقول المؤلف : إن هدفي هو أن يتم إنتاج أفلام تستطيع أن تجعل فكرة الحرب مرفوضة ومقرفة للناس.

عندما تتأملون في الأفلام التي أنتجتها هوليوود عن الحرب – وهناك مئات ومئات منها وربما آلاف – فسوف تجدونها دائماً أفلاماً تمجد البطولة العسكرية.

أما فكرة الكتاب وقبل تسليط الضوء عليها لابد من بعض السطور التي كتبها المؤلف في أطار من يحملهم المسؤولية للتصدي ,إذ يقول : الطريقة التي يصنفنا بها المجتمع ترعبني جداً.

أنا مؤرخ، لا أريد أن أكون مجرد مؤرخ، ولكن المجتمع يضع كلاًّ منّا في فرع من فروع المعرفة. نعم، إنه يوزعنا إلى تخصصات.

ولهذا استشهد المؤلف في كتابه بعبارة صديقه نعوم تشومسكي  إن من مسؤولية المثقفين أن يقولوا الحقيقة ويفضحوا الأكاذيب) .

فهذا المختصر عن فكرة الكتاب .

فالفكرة تقوم على ماهية الدور الاساسي للمبدعين في أزمة الحرب والصراع بمعنى تفكير المبدعون خارج دائرة الحدود التي تضعها السلطات.

وهذا الدور هو القيام بتطوير المجتمع ومقاومة الاستبداد من خلال سمو التفكير بعدم الانسياق وراء هستيريا الشوفينية الوطنية المتطرفة, ثم يشرح ويستعرض بعض الأمثلة عن مبدعين عارضوا الحكومة الأمريكية منذ منشئها قبل قرون إلى غاية اليوم، من بينهم إيما غولدمان (1869- 1940)،

المرأة اللاسلطوية التي أسست مع بعض أصدقائها الشيوعيين حركة الفوضويين، وهي حركة ظهرت مع بدايات القرن العشرين دعت إلى اللاسلطوية واللاحكومة على الشعوب، و في نظر هذه الحركة : أن الحكومة تحد من حرية الشعب وتقسمه إلى طبقات وتنشر فيه الفقر والجوع والاستبداد.

وتكمن رسالة الكتاب في مقاومة فكرة الحرب لأنها تؤدي حتما لقتل المدنيين الأبرياء.
وفي هذا الكتاب كلمة المبدع (آرتيست (Artist)) لاتعني (فنان ) بالمعنى الضيق وحدود الفنان المفهوم منه الرسم والموسيقى والتمثيل والغناء, بل المبدع أو الفنان بالمعنى الشامل ودوره كالصحفي والمؤرخ والباحث والروائي والقاص والشاعر والرسام والفنان (بمختلف أنواع الفن من موسيقى وتمثيل وغناء ورسم ونحت) في مقاومة فكرة الحرب.

ونتفق مع رأي الكاتب زن بالمعنى الشامل , فلو نفترض بأن أحد الأدباء تصدى لفكرة حرب ما , فأنه سيتصدى بعمل فني كتابي ولذا يقول بابلو بيكاسو: الفن كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة.

وبذلك هذا الأديب وعلى سبيل الافتراض قدم لنا رواية باستخدام الخداع والمكر ويشير إلى أمور خارج حدود التفكير التقليدي وينتقد كثيرًا من الأفعال والأقوال والمواقف , فالرواية تمنح الكاتب مساحة شاسعة للبوح والنقد وقول ما لا يجرؤ أحد على قوله فالجميع سيعتبر العمل مجرد رواية خيالية .

وبهذا العمل يصح أن نطلق على القائم به مبدع (فنان) . وبنفس الوقت مارس دوره المطلوب.

وايضأ المؤلف زن ضرب أمثلة عديدة على ما ذهب إليه من معنى شامل للمبدع من خلال استشهاده ببعض الروايات كرواية كاتش – ٢٢ لجوزيف هيلر, ورواية مناهضة للحرب صدرت عام ١٩٣٨. رواية جوني حصل على مسدسه – دالتون ترامبو, المسلخ رقم خمسة – كورت فونيغت.

و ذكر زن في كتابه كثيرًا من مواقف الأدباء والفنانين في مواجهة الظلم والاستبداد ومناهضة الحروب.

مختصر ما يؤكده المؤلف :
أولا ً : يؤكد هوارد زن على دور المبدعين* في أوقات الحرب ويلقي على عاتقهم مسؤولية كبرى.

ثانياً: يحاول الكاتب أن ينشر الوعي لدى القارئ حتى لا ينجر خلف التضليل الإعلامي.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button